افتتاحية الجمعة 26/05/2023 (احتكار السلطة نقيض التنمية والاستقرار )
مرت يوم أمس 25/05/2023 ستون سنة على تأسيس منظمة الاتحاد الأفريقي التي تعرف اليوم بالاتحاد الأفريقي، مرت الذكرى واغلب دوله تعيش أوضاعا أمنية واقتصادية وسياسية صعبة، كما هو الحال في أثيوبيا التي تحتضن عاصمة الاتحاد و تشكل ثاني أكبر دولة في القارة ، وتعيش صراعا أهليا منذ قدوم رئيس وزرائها الحالي آبي أحمد ، أدى بها إلى نفق الاقتتال المسلح والتشرذم وجرائم الابادة المتبادلة بين مكوناتها وأعراقها، بعد أن ظلت بلدا مستقرا تحيط بحدوده الواسعة حروب وصراعات الجيران، وكثيرا ما شدت الحبشة انظار العالم خلال العقد الماضي بدخولها بوادر نهضة تنموية اعطت الأمل لأزيد من 110 ملايين اثيوبي بالخروج من الفقر والعوز والتخلف ..
اثيوبيا ولاحقا السودان يعيشان الآن التفكك والحرب الأهلية لأن السلطة المركزية في البلدين لم تدرك أهمية السلم الداخلي ووجوب البحث مهما كانت الظروف عن التوافقات السياسية الكبرى في قارتنا الافريقية ذات الوضع السكاني المنفجر والحساس ، وتعمدت الحكومتان لفترات طويلة تهميش وإذلال الخصوم السياسيين وسحقهم سياسيا وانتخابيا بوسائل الدولة وإمكاناتها، واعتمدت كل منهما بطريقتها في الصراع مع الخصوم السياسيين على القبضة الحديدية..
لم تدرك حكومتا البلدين إلا في أوقات متأخرة ان ممارسة السلطة بالأساليب الاحتكارية هي اخطر تهديد لاستقرار بلدان نامية يحاصرها التخلف وضعف النمو الاقتصادي وأن التغلب على الصعوبات الناجمة عن وجود فجوة عميقة بين الاحتجاجات والمظالم المتزايدة والوسائل القليلة المتاحة لتلبيتها ليس ممكنا إلا في مناخ التعدد السياسي والبرامجي، واغلاقه هو أخطر الطرق للتعامل مع التفاوت الاجتماعي الكبير الذي تقوم عليه حياة اغلب الدول الافريقية الفقيرة والغنية على حد السواء .. وتمنع طبيعته المعقدة أن يصر أي طرف على حل مشاكل بلده السياسية بشروطه الخاصة..
الدرس الاثيوبي والسوداني يحب ان يصلا الى آذان قادة ونخب دول القارة الافريقية في ذكرى اتحادهم الستين ليدركوا استحالة أن نبحث عن مزايا الديمقراطية ونتحدث عن الرفاه والنمو المتسارع … ونحن نحتكر السلطة في يد واحدة ، فذلك مستحيل مثل محاولتنا عَزْف لحْنِينِ متزامنين على آلة فنية واحدة.