لا شك أن الحديث عن بيرام و التعليق على تسجيلاته التافهة المأزومة ، سقوط في منحدر الشعوبية و السخافة و الانحطاط ، لكن ترك الحبل له على القارب قد يدفع آخرين من أمثاله إلى السير في هذا الاتجاه الزلق ، بالسكوت عنه : “دولة الآبارتايد ، قضاء الآبارتايد ، هابا الآبارتايد” .. “موظفون بلا شهادات .. أصحاب شهادات بلا كفاءات …”
من يسمع هذا الكلام لا بد أن يسأل
ما هي شهادات بيرام و في ماذا تتجسد كفاءته غير البذاءات المكذوبة و السخافات المنحطة و الأباطيل الملفقة و العنصرية البغيضة ؟
“القضاء مرتشي كله .. البرلمان حثالة .. البيظان أنذال …” ؛ ماذا ترك هذا الزنيم من أوصاف السب و التجريح لم يسقطها على شعبنا بكل فئاته : البيظاني الغني إقطاعي و لص مستبد .. الحرطاني المسؤول السامي عميل للبيظان .. المواطن العادي ، الغلبان ، إما جاسوس على بيرام أو مسلط عليه .!؟
متى يفهم بيرام أنه يجسد حرفيا قصة الطائر المغرور الذي يطلب من الشجرة الاستعداد للحظة إقلاعه !!؟
يعتقد الغبي بيرام أنه يضفي على نفسه أهمية من خلال هذه الاتهامات الجزافية ، ضد من يعرف في نفسه أنهم أهم منه و أعز منه و أوفى منه و أكثر منه مصداقية عند الجميع ..
– أن تكون عبدا يا بيرام فتلك مشكلتك ، بل ربما كان ذلك ما تستحقه بالضبط ..
– أن لا تستطيع إلا أن تكون عبدا ، فتلك قضيتك الغالبة على سلوكك المؤسف ..
– أن تكون زعيما للعبيد ، فألف مبروك و ألف صحة لك فيها ..
و كما تخون بلدك الذي لا يفتخر بانتمائك له ، تخونك العبارة بما يفضح جهلك و تخبطك في تناقضك : التاريخ لا يعرف عبيدا ملاكا يا بيرام . و أن تأخذ السلطات أراضي مواطنين لأي سبب ، لا يحتاجون إلى أن يكونوا عبيدا أو غير عبيد لوصف قرارها بالمنصف أو الظالم. و حين تقول إنهم عبيد تنفي من دون أن تدري أنهم ملاك أرض ، فبأي منطق تتكلم ؟
تذكر يا بيرام أنك أصغر بكثير و أجبن بكثير و أجهل بكثير و أقل مصداقية و مكانة سياسية ، من أن تسقط أمجاد أمة صنعت دولة يوسف بن تاشفين و دولة أولاد امبارك و أنجبت بكار ولد اسويد أحمد و سيد أحمد ولد أحمد ولد عيده و ولد اديد و الشيخ ماء العينين و آبه ولد اخطور و ولد اتلاميد و ولد الطلبه اليعقوبي و سدوم ولد انجرتو و ستظل حبلى بالعباقرة و الأبطال ، لن يخيفها فحيح نكرة حمقاء مثلك ، لا يفكر في غير قرقرة بطنه..
لا أحد يستطيع اليوم يا بيرام ، مهما بلغ من البغي و التمكين ، أن يستعبد أي آخر .. لا أحد اليوم يا بيرام ، يحتاج عبيدا في شيء .. لا أحد اليوم يريد عبيدا .. لا أحد اليوم يقبل حتى أن يمتلك عبيدا ، لن يعرف ماذا يفعل بهم ..!
العبودية كانت حاجة أزمنة وَلَّتْ ، انتهت بثورة تكنلوجيا الزراعة و استباحة حقوق المهاجرين (العبيد الجدد) ، لم يعد يتحدث عنها إلا من يحوِّلها إلى تجارة بائرة مثلك بالضبط..
و إذا كنت تحاول محاكمة التاريخ و هو مشروع لا تملك ثقافته و لا شجاعته و لا سعة صدر صاحبه ، فدونك جزيرة غوري و قرى أسياد الرقيق و أسواق النخاسة على ضفافها و مقابر النبلاء ..
العبودية يا بيرام أبشع جريمة عرفتها البشرية بألف وجه ، لم تعرف منها بسبب جهلك، إلا أبسطها ، ساهم الجميع في كل أشكالها و كان أبشعهم من يبيعون أبناءهم و مشايخ الزنوج الذين كانوا يتاجرون بهم بالملايين مع الأمريكيين و الأوروبيين .. من ما زالوا حتى اليوم يمنعون عليهم الجلوس على فراشهم و الدفن في مقابرهم .
و من أبشع أنواع العبودية يا بيرام ، ترويض الناس على الاستعداد لتقبل منطقها المذل مثل ما تقومُ به بالضبط مع حرس موكبك المضحك المشابه لموكب قاهر الأنهار (يحيى جامي).
أنت تتخبط في الأخطاء ، لم يبق من العبودية يا بيرام إلا ما تقوم به من ممارسات كاشفة لبشاعة انتهازيتك و ما تتوعد به البسطاء مما يتخمر في جمجمتك المريضة من حسابات خاطئة ، حين تمنيهم ، استخفافا بعقولهم ، بقيادة بلد تعادي أهله و تحتقرك نخبته ..
أكبر خطإ يرتكبه الموريتانيون اليوم هو السكوت عن احتلال واجهة المشهد السياسي من قبل كل من هب و دب من الجهلة و المتطفلين. لقد أصبح كثيرون اليوم يرددون بببغاوية شهادات زور حول العبودية في موريتانيا ، جاهلين بشاعة ما كان يحدث في العالم و قاصرين حتى عن فهم ما يحدث حولهم اليوم ، من موكب بيرام الخرافي إلى ثورة نبلاء مقابر اتييس..
و “البيظان” يا بيرام الذين تعنيهم في حماقاتك المتكررة ، درسوا و تغربوا و تاجروا و أبدعوا في كل مجالات الحياة بذكاء خارق و إرادة لا تقهر فتميزوا بجدارة . و على من يريد منافستهم أن يباري إرادتهم ، لا أن يصفهم بأسباب تخلفه و عدم تميزه ؛ فتعالج من عقدة دونيتك من دون التنقيص من أمجاد البيظان و تذكر يا بيرام ، أن استفزازك للبيظان في انتظار ردة فعل منهم تسيء إلى الآخرين لن تكون ، لأننا ندرك جيدا أن اعتزازنا بتاريخنا و أمجادنا مجرد حق شرعي لا ينتقص من حق أي آخر أو يمس من غير حاقد مكلوم مثلك ..
و العنصرية مهما كانت بغيضة ، تظل درجة وفاء ـ و لو معابة ـ لشيء يمكن فهمه ؛ أريد هنا أن يفهم الجميع أن بيرام هو أبعد الناس عن العنصرية لأنه لا ينتمي إلى غير غرائزه و مصالحه الضيقة و هو أكثر من يسيء إلى “العبيد” (كما يسميهم) قبل البيظان ، لكنه ممثل بارع ، فهمَ عقدة البعض و نقطة ضعف البعض و لم يجد من يشخص حالته و يسد طريقه..
لك النظام يا بيرام فانبحه ما طاب لك و اسرح و امرح و اذرع و تفنن في طرق ابتزازه ما حلا لك و اركبه ما تحاشى تأديب حماقاتك ، لكن اترك البيظان و شأنهم ..
و تأكد يا بيرام أن إيحاءاتك الغبية لا تخفى على أحد و نواياك الحاقدة لا تخفى على أحد.. اذهب أنت و قطيع عبيدك حيث شئتم ..
لا شأن لك بعلاقة البيظان و الحراطين لأنك لست منهم .. لأنك لست من أي منهم .. لأنك لن تفك شفرة التحامهم .. لأنك لن تستطيع مهما فعلت إحداث أي شرخ في علاقة دم و دين و حب ، نسجتها أنامل الود و الانسجام عبر قرون من التعايش السلمي الصادق و الاحترام المتبادل المستحق