البيان الختامي للسيرة النبوية يدعو لعقد مؤتمر للمرجعيات الروحية السودانية لإخماد نار الحرب

دعا البيان الختامي للمؤتمر السابع والثلاثين للسيرة النبوية المنظم من طرف التجمع الثقافي الإسلامي، إلى عقد مؤتمر للمرجعيات العلمية والروحية المؤثرة في المشهد السوداني على اختلاف مواقعه ومواقفه، من أجل وضع خطة ناجعة لرأب الصدع وإصلاح ذات البين وإخماد نار الحرب في هذا البلد الشقيق، مواصلة لما وصفه بالبناء التراكمي المتمثل في مبادرات السلام التي قادها الاتحاد الإفريقي من قبل وكان من محطاتها البارزة بعد ذلك محطتا جدة 1 وجدة 2 والمنامة وجنيف. 

 

واقترح المشاركون في المؤتمر، أن ينعقد مؤتمر الدبلوماسية الروحية هذا في أقرب الآجال الممكنة في نواكشوط برعاية الرئيس محمد بن الغزواني، وبالاستفادة من شبكة العلاقات المتاحة للتجمع الثقافي الإسلامي ولسائر هيئات العمل الإسلامي الدولية والمحلية.

 

وبحسب البيان الختامي، فقد وقف المشاركون عند الجراح النازفة في جسد الأمة، وكثير ما هي، وسجلوا وقفة خاصة مع الأشقاء في السودان الذين ابتلوا بفتنة عظيمة أفقدت البلد الأمن والأمان وأسباب الحياة فشرد الناس في الداخل والخارج بعد أن فقدوا من أحبابهم وممتلكاتهم وشروط عيشهم الكريم ما فقدوا.

 

وجاء في البيان: “لاحظ المشاركون بأسف أن من أسباب هذا الواقع الأليم ضعف أو غياب ثقافة الحوار وأدب الخلاف، والضمور البين في تمثل سيرة النبي الأكرم نبي الرحمة سيدنا محمد صلى اللـه عليه وعلى آله وصحبه وسلم، كما لاحظوا ما لوسائل الإعلام، وخصوصا أدوات ومنصات الإعلام الشبكي السيار من سطوة وأثر بالغ في تأجيح نيران الحروب وإثارة الضغائن والأحقاد وإيقاظ الفتن النائمة”.

 

وخلص المشاركون إلى أن من واجب العلماء والمشايخ والدعاة وسائر من يمسكون بأزِمّة القلوب أن يتحملوا مسؤوليتهم وأن يستخدموا ما يملكون من قوة ناعمة لإطفاء الحرائق المشتعلة وتضميد الجراح النازفة ونزع فتيل الفتن النائمة ولم الشمل ورص الصف بما يعين على تعافي الأمة، ونهوضها من كبوتها، واستعادتها لعافيتها وعزها وأمنها.

 

وفي مايلي نص البيان الختامي للمؤتمر السابع والثلاثين للسيرة النبوية:

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن والاه

 

تحت الرعاية السامية لفخامة رئيس الجمهورية وبإشرافه، عقد التجمع الثقافي الإسلامي بمدينة نواكشوط يومي 8-9 ربيع الأول 1446هـ/ 12-13 سبتمبر 2024غ المؤتمر الدولي للسيرة النبوية في نسخته السابعة والثلاثين.

 

وقد تداعت إلى المؤتمر وفود من دول جوار موريتانيا: المغرب والسنغال والجزائر ومالي، ومن دول أخرى بينها بالترتيب الألفبائي الإمارات العربية المتحدة وبوركينافاسو وتشاد والتوغو وجزر الرأس الأخضر وساحل العاج والسودان وغامبيا وغينيا وغينيا بيساو والكمرون ولبنان وليبيا ومصر والنيجر ونيجيريا. كما شاركت فيه وفود من حملة الجنسيات الأوروبية من الجاليات الإسلامية في إسبانيا و ألمانيا وفرنسا.

 

وشارك في المؤتمر وفد رفيع المستوى من المجلس العالمي للتسامح والسلام ومن البرلمان العربي.

 

وكان بين المشاركين عدد كبير من العلماء والمرجعيات الدينية والشخصيات السامية بينهم أحد عشرَ وزيرا أو صاحب رتبة وزارية، و32 من قادة وممثلي الهيئات الإسلامية الفاعلة في بلدانها وخارجها.

 

وقد أشرف فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد بن الشيخ الغزواني على افتتاح المؤتمر، وألقى كلمة الافتتاح الرسمي، بحضور فخامته، معالي الدكتور الحسين امدو، وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي وكالة. وقد تحدث خلال الجلسة الافتتاحية أيضا كل من معالي أحمد بن محمد الجروان رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام، وفضيلة الشيخ عبد الملك انياس ممثلا للاتحاد الإفريقي الإسلامي وفضيلة الشيخ عثمان بن الشيخ أبي المعالي متحدثا باسم مشايخ وعلماء موريتانيا وفضيلة الشيخ محمد الحافظ النحوي رئيس التجمع الثقافي الإسلامي.

 

دارت أعمال المؤتمر حول موضوع: “عزة الأمة وأمنها بين ضوابط الاختلاف ودواعي الائتلاف”. وتناولت الأعمال في جلستين فكريتين، موضوع “وحدة الأمة بلسما لجراحها”، وموضوع ” المحتوى الشبكي الهادف ودوره في معالجة قضايا الأمة”.

 

وقد لاحظ المشاركون، بألم، ما يتسم به واقع الأمة من الوهن والاحتراب والفرقة حيث تداعت عليها الأمم الظالمة لتفترسها كما يتجلى بصور شتى أبشعها العدوان الوحشي على أهلنا في غزة وما يمارس ضدهم من حرب إبادة جماعية متكررة في العقود التي تلت النكبة، ومستمرة في أشنع حلقاتها على مدى نحو عام من المجازر التي راح ضحيتها أكثر من أربعين ألف شهيد وآلاف مؤلفة من المففودين، وأكثر من مائة ألف مصاب معظمهم من النساء والولدان، تمزق الصواريخ والقذائف والاسلحة الفتاكة اجسادهم وأحيانا تصهر هذه الأجساد صهرا حتى تذوب أو تتبخر أو تنطمر بين الركام. أما من لم يسقط من أهل غزة بالنار وأسلحة الدمار فإنه يموت جوعا وعطشا ومرضا بعد أن زاد الأعداء من إحكام الحصار عليهم فمنعوا عنهم الماء والغذاء والدواء، هذا بالإضافة إلى اتساع العدوان واستمراره ضد المرابطين في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، في الضفة الغربية، وفي لبنان واليمن، وحيثما استطاعت يد العدوان أن تفتك وتبطش دون رادع من ذي سلطان أو قوة، بل بتواطؤ من دول كبرى، فضلت مؤازرة الجزار على مناصرة المظلوم.

 

وفي سياق آخر، وقف المشاركون عند الجراح النازفة في جسد الأمة، وكثير ما هي، وسجلوا وقفة خاصة مع الأشقاء في السودان الذين ابتلوا بفتنة عظيمة أفقدت البلد الأمن والأمان وأسباب الحياة فشرد الناس في الداخل والخارج بعد أن فقدوا من أحبابهم وممتلكاتهم وشروط عيشهم الكريم ما فقدوا.

 

ولاحظ المشاركون بأسف أن من أسباب هذا الواقع الأليم ضعف أو غياب ثقافة الحوار وأدب الخلاف، والضمور البين في تمثل سيرة النبي الأكرم نبي الرحمة سيدنا محمد صلى اللـه عليه وعلى آله وصحبه وسلم. كما لاحظوا ما لوسائل الإعلام، وخصوصا أدوات ومنصات الإعلام الشبكي السيار من سطوة وأثر بالغ في تأجيح نيران الحروب وإثارة الضغائن والأحقاد وإيقاظ الفتن النائمة.

 

وإزاء ذلك كله: خلص المشاركون إلى أن من واجب العلماء والمشايخ والدعاة وسائر من يمسكون بأزِمّة القلوب أن يتحملوا مسؤوليتهم وأن يستخدموا ما يملكون من قوة ناعمة لإطفاء الحرائق المشتعلة وتضميد الجراح النازفة ونزع فتيل الفتن النائمة ولم الشمل ورص الصف بما يعين على تعافي الأمة، ونهوضها من كبوتها، واستعادتها لعافيتها وعزها وأمنها.

 

وعلى العلماء في هذا الصدد أن يكونوا نصحاء مؤتمنين لقادة الأمة، وأولي الأمر، وأن يعملوا بجد بالتعاون مع هؤلاء ومع كل صناع الرأي والقرار في بلدان الأمة، وبالاستفادة من الصحوة التي شهدها الرأي العام الغربي من أجل الوقف العاجل لإعصار الدم والدمار في فلسطين، والوقوف بحزم وعزم في وجه العدوان الغاشم والحرب الظالمة على أهلنا في غزة وبيت المقدس وأكناف بيت المقدس.

 

وإذ يتوجه المشاركون لفخامة رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية السيد محمد بن الشيخ الغزواني، رئيس الاتحاد الإفريقي، بالشكر المستحق لرعايته لهذا المؤتمر، وإذ يقدرون مكانته وحكمته ومكانة علماء بلاد شنقيط وتأثيرهم المشهود، فإنهم يدعون إلى عقد مؤتمر للمرجعيات العلمية والروحية المؤثرة في المشهد السوداني على اختلاف مواقعه ومواقفه، من أجل وضع خطة ناجعة لرأب الصدع وإصلاح ذات البين وإخماد نار الحرب في هذا البلد الشقيق، مواصلة للبناء التراكمي المتمثل في مبادرات السلام التي قادها الاتحاد الإفريقي من قبل وكان من محطاتها البارزة بعد ذلك محطتا جدة 1 وجدة 2 والمنامة وجنيف. ويقترح المشاركون أن ينعقد مؤتمر الدبلوماسية الروحية هذا في أقرب الآجال الممكنة في نواكشوط برعاية فخامة الرئيس محمد بن الغزواني، وبالاستفادة من شبكة العلاقات المتاحة للتجمع الثقافي الإسلامي ولسائر هيئات العمل الإسلامي الدولية والمحلية.

 

وإذ يؤمن المشاركون بأن من أسباب وهن الأمة وما هي عليه من الاستضعاف والاحتراب ضعفَ تمثلها لسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام، فإنهم يحيون مبادرة رابطة العالم الإسلامي الخاصة بتنظيم متاحف السيرة النبوية، ومنها متحف السيرة الذي سيفتح في نواكشوط برعاية رئاسية سامية. وفي السياق ذاته يدعو المشاركون إلى إنشاء مركز عالمي للسيرة النبوية، يعنى بتنشئة الأجيال عليها، واستخلاص العبر والدروس منها، لمعالجة معضلات الأمة ومشكلاتها، في عالم متغير، وللاقتباس منها في صناعة محتوى إعلامي جذاب متسق مع حاجات الأمة في هذا العصر، وللرد على الشبهات التي تثار ضد الإسلام، ولسد منافذ هذه الشبهات بتقديم الحقيقة الناصعة عن نبي الرحمة، الإنسان الكامل، رحمة اللـه للعالمين ومنته على المؤمنين سيدنا محمد صلى اللـه عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه.

 

ختاما يجدد المشاركون شكرهم وعرفانهم بالجميل لفخامة رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية السيد محمد بن الشيخ الغزواني ولحكومته وللشعب الموريتاني المضياف، كما يقدرون للتجمع الثقافي الإسلامي السنة الحسنة التي سنها وحافظ عليها طيلة مسيرته الحافلة بخدمة الحنيفية السمحة سائلين الله للتجمع المزيد من التوفيق في هذا النهج الوسطي المبارك بالتعريف بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم واستحضارها وتمثلها في زمن طغت فيه المادة وانهارت فيه القيم، وانتشرت فيه فتن كقطع الليل المظلم، لا خلاص منها إلا بالاستمساك بحبل اللـه والعودة إلى هدي رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم.

 

هذا والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

 

حرر في نواكشوط بتاريخ 10 ربيع الأول1446 هـ/ 13 سبتمبر 2024.

 

المشاركون في المؤتمر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى