“موريتاني بوست ” تسلط الضوء على مسرحية «منت البار» والمنجَز الثقافي الغائب…مسرح الشارقة الصحراوي(فديو)

سجَّل التاريخ الإنساني قصص حب شهيرة تحولت إلى ملاحم أدبية خالدة، منها قصة «روميو وجولييت» التي حوَّلها شكسبير إلى تراجيديا مليئة بالحب والمأساة في الوقت نفسه، وقصة «كليوباترا ومارك أنتوني» التي حولها هي أيضا شكسبير نفسه إلى تراجيديا أدبية خالدة. بالإضافة إلى قصص حب أخرى خلدتها أشعار المحبين أنفسهم، مثل قصة «مجنون ليلى» وقصة «كثيّر عزة».. إلخ.

 

وينطوي تاريخنا الثقافي على قصص عديدة من هذا النوع الأخير لعل أشهرها قصة ولد سعيد ولد عبد الجليل ومنت البار. فقد خلقت هذه القصة من بطلها (ولد عبد الجليل) واحداً من كبار شعراء الغزل الشعبي، تاركاً وراءَه نصوصاً في غاية الجمال والإبهار والرقة. ومما أعجبني في هذه النصوص أحدُها ارتجله ولد عبد الجليل نفسه استجابةً للتحدي الذي رفعه في وجهه الأمير التروزي حين جاء إلى حيهم للمبيت فيه، فقال له متهِماً إياه بسرقة الشعر وانتحاله: إذا كنتَ، يا ولد عبد الجليل، تدعي كلَّ هذا الشعر الجميل الذي يتداوله الناس على أنه لك وليس لولد هدار، فقل لنا الآن ما تصف فيه هذه الليلةَ ونحن عند هذا الحي في موضع «انوشد»! فقال الرجل على الفور، وكأنه يحكي قصةَ مبيت الأمير وفرسانه (وكانت فرصةً للقاء منت البار) على مسامع جيل من الناس سيأتي في المستقبل البعيد:
نعرفْ ليله راحو فرسان ===== امن اولاد احمد من دمان
عند انوشدْ انْخوظْ ازمانْ ===== ماني ناسي مروحهم عند
انوشد أمولَ نسيان===== غير اجميعتْ نسيان بعد
ذاك المروحْ ماني ناسيه ===== وألا يعملْ يكونْ اير حد
ليله كيفتْ في الدهر اعليه =====مروح فرسان أولاد احمد
من دمان اللي راحو فيه===== ذيك الليله عند انوشد

ولروعة قصة منت البار وثرائها الأدبي، فقد قيل إن الشاعر أحمدو ولد عبد القادر طالبَ منذ سنوات، أي قبل اختيار نواكشوط عاصمةً للثقافة في العالم الإسلامي، بإقامة تمثال لولد سعيد ولد عبد الجليل في أحد الميادين العامة للمدينة، تخليداً لواحدة من أروع قصص الحب في تاريخ مجالنا الصحراوي عامة. والواقع أنه بدون وجود أعمال مسرحية وازنة وتماثيل ومنحوتات فنية مخلِّدة لكبار الأدباء وأهم الأحداث والقصص التأسيسية.. يصعب الحديث عن ثقافة حديثة تشكل بصمة خاصة لمدن اليوم. وإذ يتعلق الأمر بنواكشوط كعاصمة للثقافة في العالم الإسلامي، فلابد من التساؤل: ما المظاهر والمنجزات التي تعكسه الخصوصية الثقافية لهذه المدينة؟ وماذا عن إسهامها الثقافي على المستوى الوطني ثم الإقليمي فالعالمي؟

 


——————–
ملاحظة1: ولد عبد الجليل ومنت البار عاشا في منطقة مجاورة لنواكشوط الحالية، ولا وجود لأي ذكر لقصتهما في النصب التي أقامتها جهة نواكشوط

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى