افتتاحية-خطاب رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني: استجابة لمطالب المواطنين في ذكرى الاستقلال الوطني
في سياق احتفالات البلاد بذكرى الاستقلال الوطني، جاء خطاب رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني بمثابة رد مباشر على المطالب المتزايدة من القطاعين العسكري والتعليمي، خاصة فيما يتعلق بزيادة الرواتب. يُنظر إلى هذه الزيادة بكونها لفتة مادية تهدف إلى استيعاب الاحتجاجات التي شهدتها الشوارع الموريتانية في الأشهر القليلة الماضية، وهي خطوة تُعتبر تقليدية في سياق الأنظمة السابقة. رغم أن إعلان زيادات الرواتب أصبح حدثاً مألوفاً يرتبط بذكرى الاستقلال، فإن الكثيرين يرون أنها قد لا تكون كافية لمواجهة التحديات الاجتماعية والسياسية الكبرى التي تعاني منها البلاد. فالأزمة الحالية تتطلب استجابة أكثر شمولية، حيث أن هذه الزيادات لا تعكس بالضرورة تغيراً حقيقياً في حياة المواطن العادي. على الرغم من ذلك، يترقب المواطنون نتائج التعديل الوزاري المقرر، الذي سيحدد ملامح المستقبل التنفيذي للبلاد.
يمثل هذا التعديل فرصة للتخلص من وزراء فشلوا في تلبية طموحات الشعب، وأصبحوا جزءًا من دائرة الفساد والإدارة السيئة. الاستثمار في تعيين وزيرين ذوي كفاءة يمكن أن يساعد في تقليل الفجوة بين الحكومة والمواطنين.
وكجزء من المؤسسات التي تثير القلق، تقع عدة هيئات تحت ضغط كبير من الفساد وسوء الإدارة، مثل “تآزر” و”ميناء نواكشوط” و”شركة الماء”.تحتاج هذه المؤسسات إلى ترميم العلاقات مع المواطنين وتعزيز الشفافية في أدائها. من جهة أخرى، تبرز مشكلة ملفتة في وزارة الخارجية، حيث تعاني من فائض في المستشارين الذين تم تعيينهم عبر العلاقات الشخصية، مما قد يعيق فعالية وزارة حيوية مثلها.
وليس خافياً أن المؤسسة العسكرية تلعب دورًا محوريًا في الساحة السياسية. بعد الزيادات الأخيرة في الرواتب، يبرز التساؤل حول كيفية إعادة هيكلة هذه المؤسسة لتحقيق المزيد من الاستقرار. ومع انتهاء خدمة عدد من الجنرالات، يتعين أن يكون هناك تقييم شامل للأدوار القيادية لضمان قدرة المؤسسة على التأثير بشكل إيجابي على مسار البلاد.
يتطلب الوضع الراهن من الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني والوزير الاول المختار ولد جاي العمل بشكل جماعي وحازم لاتخاذ قرارات صعبة، تهدف إلى تعزيز الثقة بين الحكومة والمواطنين. يجب العمل على بناء دولة مدنية متينة تتماشى مع تطلعات الشعب، وتعزز إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية.
في نفس الوقت، تتمتع موريتانيا باهتمام دولي كبير، حيث تُعتبر نقطة استراتيجية في منطقة الساحل الأفريقي. من المهم أن تعمل الحكومة على استقرار البلاد لضمان السلام والأمان، والاستفادة من موقعها الجغرافي في تعزيز التعاون الإقليمي والدولي. وفي الختام فإن خطاب رئيس الجمهورية يُعد بداية مرحلة جديدة تتطلب التزامًا حقيقيًا بمسؤوليات الحكم، وتجاوبًا جادًا مع تحديات الشعب التي تحتاج إلى معالجة شاملة وفعالة.
الكاتب الصحفي – احمد العالم