مقابلة :مسعود ولد بلخير..موريتانيا ليست استثناء من المشكلات، وهي مشكلات ترتبط في معظمها بعملية بناء الدولة

يؤمن مسعود ولد بلخير، الزعيم التاريخي للتحالف الشعب التقدمي (أحد أحزاب المعارضة الموريتانية) وأحد مؤسسي حركة “الحر” السرية المناهضة للعبودية عام 1978، بأن تحقيق الوحدة الوطنية – وهي مطلب شعبي ملح – لا يمكن أن يتم إلا عبر تحول سوسيو-سياسي عميق، يستدعي بالضرورة إعادة صياغة الدستور. ويهدف هذا المسار إلى ترسيخ الضمانات التي تكفل المساواة للجميع، بديلا عن المرجعيات العرفية والتقليدية التي تكرس التمييز بين الجماعات والأفراد.

وفي المقابلة التي خصنا بها، تطرق رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الحالي، والرئيس الأسبق للجمعية الوطنية للجمهورية الإسلامية الموريتانية، بصراحته المعهودة إلى مواضيع عدة، منها الحوار السياسي، والتماسك الاجتماعي، والانقسامات داخل المعارضة، وحياة حزبه، فضلا عن وضع علاقات التعاون بين بلده والسنغال الجار.
بشكل عام، كيف تنظرون إلى الوضع السياسي في البلاد؟
مسعود ولد بلخير: بصراحة تامة، أعتقد جازما أن الوضع السياسي في الجمهورية الإسلامية الموريتانية لا يثير، مقارنة بما تشهده دول إفريقية وغيرها، ما يدعو إلى التهويل المفرط الذي أصبح موضوعا مفضلا على منصات التواصل الاجتماعي، الساعية دوما وراء الإثارة والمبالغة، من دون أي اعتبار لما لذلك من أثر سلبي في الرأي العام.
وكما هو حال كل الدول المعاصرة، ليست موريتانيا استثناء من المشكلات، وهي مشكلات ترتبط في معظمها بعملية بناء الدولة – تلك العملية التي لا تزال شاقة ومتواصلة في كل تجربة ديمقراطية ناشئة.
وتزداد هذه الصعوبات حين يتعلق الأمر بتشكيل أمة جديدة، تقوم على الحرية والمساواة، لتحل محل منظومة سابقة كانت مناقضة تماما لهذه القيم.
وهنا، يكمن – في تقديري المتواضع – تفسير العسر الذي يكتنف تحقيق “العيش المشترك” في مجتمع لا يتجاوز عدد مكوناته أربع مجموعات (خليط العرب والبربر، البولار، السوننكي، الولوف)، في حين نرى مجتمعات أخرى – أشد تنوعا وأوسع من حيث عدد المكونات – وقد أنجزت هذه الغاية من دون عناء يذكر.
أليس من حقنا، إذن، أن نتساءل عما إذا كان هناك خلل ما في تجربتنا نحن؟
س: في تصريح لكم مؤخرا، قلتم إن “موريتانيا بلد متعدد ومتنوع، ولا يمكن اختزاله في كيان واحد، أسود كان أو أبيض.” ما هي مخاوفكم بشأن الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي في بلدكم؟
مسعود ولد بلخير: يؤسفني أنكم لم تجدوا صفة أقل “أكاديمية” من كلمتي “مؤخرا”، التي ترجمها بعض مواطنينا “لأول مرة”، فانطلقوا منها في سيل من الانتقادات بل والشتائم أحيانا..، وما أود قوله لهؤلاء هو أن خطابي حول الوحدة الوطنية، والتماسك الاجتماعي، ومفهوم “العيش المشترك”، لم يتغير قط، ولن يتغير ما حييت، لأنه ببساطة يعكس واقعا لا مراء فيه.
إن هذه المكونات الأربعة: المزيج العربي البربري، البولار، السونينكي، والوولوف، تشكل النسيج الأساسي للشعب الموريتاني. ولا وجود لمكون خامس، كما يحاول البعض الإيحاء به من خلال التلميح إلى كيان بامباري مفترض، أو كما يقترح آخرون – في تجاهل صارخ للمنطق – بالفصل بين البيظان والحراطين.
الحراطين كانوا دوما جزءا لا يتجزأ من المجتمع العربي-البربري، ومحاولة فصلهم عنه لأسباب سياسية أو عرقية لا تعد سوى عبث محض، نحن جزء أصيل من هذا المكون، نحمل عروبته وبربريته بكل مسؤولية، وهذا لا يختلف عما هو عليه الحال في باقي المكونات الأخرى – البولار، السونينكي، والوولوف – حيث لم تكن الطبقة أو الوضعية الاجتماعية سببا في تمزيق هذا الإطار الجامع أو الانفصال عنه.
ولا أعتقد أن الحراطين الذين يعارضون هذا الانتماء – بدافع الإحباط أكثر من أي شيء آخر – كانوا يقصدون غير المطالبة بالحرية الكاملة، والمساواة في المعاملة، والعدالة للجميع، فالمقموعون، والمهمشون، والموسومون من شتى الأعراق واللغات، لا يطالبون إلا بهذه القيم، في كل مكان.
وإذا كانت المطالبة بهذه القيم الثلاث – الحرية والعدالة والمساواة – مطلبا مشروعا تماما، فإن بعض الخطابات التي تصاحبها ينبغي أن تحجب، تفاديا لانزلاقات لا تحمد عقباها، كتلك التي تعيد إحياء أصول منسية أو متناسَية عمدا، وهو ما يشبه – في حقيقته – تشغيل “آلة زمن” تعيدنا جميعا إلى ماض قد لا يكون لنا فيه ما نفخر به.
لكن هذه “الصيدية” في بحيرة الهوية ليست هي ما يقلقني أنا وكثير من أبناء وطني، بقدر ما يقلقنا ما أُسميه “سحر العيش المشترك بين الهويات”، هذا المفهوم الذي نطالب به جميعا ونمجده، لكننا نظن – واهمين – أنه سيتحقق تلقائيا، من دون أي جهد يذكر، وهنا تكمن الخطورة الكبرى.
 لقد آن أوان الاستفاقة، إذا كنا لا نريد أن ننتهي في دور الضحية الخاملة، تماما كما تقول الحكمة الحسانية: “يختلك، لاه يكلك”، أي: “يراقبك ليغدرك”.
إنه أمر بالغ الجدية، لا يجوز التهاون به، فمستقبل هذا البلد وسكانه مرهون بإيجاد تسوية نهائية، عادلة ومتوافق عليها، ومن هذا المنبر، أوجه نداء صادقا، حزينا ووطنيا إلى القائمين على الشأن العام، وإلى جميع مواطني، أدعو فيه الأولين إلى الشروع – دون تأخير – في تصحيح تلك الأخطاء المتراكمة، غير المبررة في كثير من الأحيان، والتي لا تزال تؤجج مشاعر التململ والاستياء لدى الآخرين، وأدعو هؤلاء، بالقدر ذاته من الجدية، إلى التحلي بالصبر وضبط النفس، من أجل الحفاظ على هذا الإرث المشترك: موريتانيا.
ولا يعني هذا النداء المزدوج، بأي حال، أنني أضع الطرفين على قدم المساواة من حيث المسؤولية عما نعيشه من أزمات، بل أذكرهما بأن واجبهما الوطني الأوحد يقتضي التحرك العاجل، كل من موقعه، لأن ذلك وحده هو ما سيكبح جماح تجار الفوضى، الذين يتسللون إلينا كما يتسلل الزواحف، فينزلقون بنا – دون أن نشعر – من مطالب مشروعة في التضمين، والمشاركة، والتضامن، والحقوق، إلى مواقع التحدي، والتنافر، والتخوين، والكراهية، حيث لا مكان فيها إلا للمواجهة العنيفة.
 
س: برأيكم، هل توفرت اليوم الشروط الكفيلة بإجراء انتخابات حرة وشفافة في شهر مايو القادم؟ وما هو تقييمكم للمشاورات التي أطلقها وزير الداخلية مع الفاعلين السياسيين من أجل مسار انتخابي توافقي وهادئ؟
مسعود ولد بلخير: سيكون من قبيل الكذب الفج أن نجيب بالإيجاب على هذا السؤال، قبل انعقاد الحوار الوطني المنتظر، وتطبيق ما قد يصدر عنه من مخرجات، لعل أبرزها تنظيم انتخابات شفافة وعادلة، تجرى في أجواء من الهدوء والثقة.
أما عن المشاورات التي أشرتم إليها، فلا علم لي بها، ومع ذلك، لا أجد مانعا من أن أوجه نصيحة إلى وزير الداخلية، مفادها أنه، وبعد أن أصبح يشرف “قانونيا” على الأحزاب السياسية، عوضا عن تخليه عن السيطرة على الأجهزة الأمنية والإدارية، فإن سلطته الشرعية الجديدة على الأحزاب لم تعد بحاجة إلى استشارتها، بل يكفيه أن يأمر… ليطاع.
س: لقد استقبلكم الرئيس غزواني مؤخرا في لقاء خاص. هل تناولتم خلاله مسألة العيش المشترك بين مختلف مكونات المجتمع في موريتانيا متصالحة مع ذاتها، متحررة من مظاهر الظلم والتفاوت والتمييز؟
مسعود ولد بلخير: لم يكن موضوع اللقاء سوى هذا بالذات، وبنفس العبارات التي استخدمتموها، وذلك طيلة جزء غير يسير من الوقت الذي أُتيح لي، وكعادته، استمع إلي دون أن يقاطعني، قبل أن يأخذ الكلمة بدوره، بصراحة ووضوح، وقد جاءت مداخلته على قدر مداخلتي، مباشرة وخالية من التجميل، لم ينكر شيئا مما عرضته عليه، بل وعد بالسعي السريع لتصحيح بعض الاختلالات والتجاوزات التي تطرقت إليها، مع سعيه إلى تبرير مسبق للتأخير الذي قد يصاحب معالجة بعضها الآخر، وبكل صدق، لمست فيه يومها إرادة صادقة حقيقية، لا تزال تقنعني حتى الآن بأن تغييرا نحو الأفضل بات وشيكا، فلنتضرع بالدعاء جميعا ولنترقب.
 
س: هل ترون أن الرئيس غزواني، الذي دعا إلى حوار سياسي شامل، يصغي حقا لهذه القضية الوجودية في موريتانيا؟
 
مسعود ولد بلخير: بصراحة تامة، أرى أن هذا السؤال في غير محله، وقد ينظر إليه على أنه استفزاز أو حتى إساءة، فحين يتساءل المواطن العادي عن هذه المسألة المصيرية، فبأي حق لا يطرحها على نفسه من أوكلت إليه، أولا وقبل الجميع، مهمة التفكير باسم الجميع؟ إن من يشغل أعلى هرم المسؤولية هو أول من يشعر، وأول من يستشرف، وأول من يسعى للعلاج. 
ولهذا، فأنا مقتنع بأنه أكثر إصغاء لهذه المسألة من معظمنا، أما بالنسبة للتحالف الشعبي التقدمي (APP)، فإن الحوار، لدى كافة أطره ومناضليه، كان ولا يزال المخرج الوحيد من كل الأزمات التي عرفها هذا البلد.
س: ما الذي تنتظرونه تحديدا من هذا الحوار؟ وما هي، في رأيكم، عوامل نجاحه أو فشله المحتمل؟
مسعود ولد بلخير: حين استقبلت في منزلي السيد المحترم موسى فال، موفد فخامة الرئيس المكلف بالاتصالات التمهيدية للحوار، صدح في وجهي بعبارة أبكتني تأثرا: «إنه يقع على عاتقنا، نحن الذين شهدنا ميلاد الديمقراطية في موريتانيا، وقد شارفنا على نهاية أعمارنا، أن نكرس ما تبقى من حياتنا لوضع وطننا على السكة الصحيحة التي توصله إلى بر السعادة.»
ومهما بدت هذه الدعوة طموحة، فإنها تختزل كل ما أرجوه، وأول ما أرجوه، وأكثره إلحاحا، هو تحقيق الوحدة الوطنية، يجب أن تنتقل هذه الوحدة من مجرد لازمة رتيبة فقدت معناها، إلى صيحة استغاثة لإنقاذ وطن في خطر، وتحقيق هذا التحول يقتضي بالضرورة إعادة كتابة الدستور، لصياغة ضمانات فعلية تمنح للجميع، كبديل عن المرجعيات العرفية والتمييزية التي تفرق بين المكونات والأفراد.
من أجل توضيحات أوسع، ستعلن مساهمة الحزب علنا بكل تفاصيلها الدقيقة، إذ إن طموحنا يتمثل في بناء دولة على أسس متينة وراسخة، منبثقة عن توافق وطني، يشعر فيها كل فرد، سواء كان مواطنا أو ينتمي إلى مكون مجتمعي، بأنه في موضعه الطبيعي، ممثل تمثيلا صادقا وكريما، وينعم بكامل حقوقه وامتيازاته في ظل دولة جمهورية تحترم مواطنيها، والذين، في المقابل، سيكونون على استعداد لبذل كل التضحيات من أجلها.
 
س : تشغل قضية محاربة الفساد وسوء التسيير المالي الرأي العام الموريتاني اليوم، وذلك من خلال ملاحقة الأموال المنهوبة ومساءلة المسؤولين. ما هو تقييمكم لهذه العملية؟ هل ترونها شكلا من المحاسبة الاقتصادية أم تصفية حسابات سياسية؟
مسعود ولد بلخير: تعليقي سيكون مختصرا وواضحا: المواضيع التي أشرتم إليها تعد من أبرز القضايا التي تتداولها المجالس الخاصة والأحاديث العامة في هذه المرحلة، وشخصيا، أرى أنها نابعة من طبيعة الغموض والتردد الملازمين لكل محاولة ناشئة لبناء دولة ديمقراطية، ومن هذا المنظور، فإن اختزال الأمر برمته في تصفية حسابات سياسية لا يبدو لي طرحا ذا مصداقية.
 
س: بلغتم عقدكم الثامن، ألا ترون أن الوقت قد حان لتسليم المشعل السياسي؟ أم أنكم، كما دأبتم على القول، ما زلتم مصرين أكثر من أي وقت مضى على مواصلة “مهمتكم” في خدمة موريتانيا؟ ثم متى سيعقد مؤتمر حزب التحالف الشعبي التقدمي، المنتظر منذ مدة؟
مسعود ولد بلخير: على يقين بأن استمراري في المشهد السياسي مرهون أولا بإرادة الله، ثم بإرادة أطر الحزب ومناضليه، وأخيرا بقدرتي البدنية والذهنية، وإن كانت الأولى بدأت تنحسر، فإن الثانية بحمد الله لا تزال في أوجها، وعندما يحين الأوان، ستتوقف الأسئلة من هذا النوع، ومع ذلك، أضيف أن بقائي في موقعي هذا يخدم، من حيث لا يريد خصومي – سواء في الداخل أو الخارج – مصالحهم؛ ذلك أنني أعد المتنفس الذي يفرغون فيه غضبهم، كما أنني أتيح للمرهقين من الداخل فرصة الرحيل لتحقيق طموحاتهم في مكان آخر، إذ يحمل كل منهم ما يشاء من أوزار، وهكذا، وبرغم التقدم في السن والوهن، فما زلت أجد لنفسي نفعا، أما عن المؤتمر، فنحن نحضر له بجدية، وفق الوتيرة التي نراها مناسبة.
 
س: ألا ترون أن هذا الوضع غير المستقر يضعف أداء هيئات الحزب، وهو الذي لطالما لعب دورا رياديا في ترسيخ الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان في البلاد؟
 
مسعود ولد بلخير: بل على العكس، أعتقد أن هذا الوضع سيكون الدافع الأمتن لنا، لأننا لم نكن في يوم من الأيام أكثر فعالية مما كنا عليه حين نتحرك وحدنا، لقد تحالفنا سابقا مع أطراف قررت في نهاية المطاف خيانتنا جماعيا، لكننا لا نغلق الباب أمام تحالفات انتخابية مع شركاء جادين من المعارضة الديمقراطية، أما عن دفاعنا الثابت عن حقوق الإنسان، فإنه مستمر كما كان، رغم ما تعرضنا له، في هذا المسار أيضا، من طعنات وخيانات لا تقل عن تلك التي عانيناها في الحقل السياسي.
 
س: الانتخابات البلدية والجهوية والتشريعية على الأبواب، كيف يستعد حزبكم لهذه الاستحقاقات؟ وهل تنوون خوضها بشكل منفرد أم ضمن تحالف سياسي؟
 
مسعود ولد بلخير: المستقبل وحده كفيل بالإجابة، حين يحين الوقت المناسب، فموعد الانتخابات لا يزال بعيدا، إذا لم يكن ما صرحت به سابقا كافيا لكم.
 
س: باعتباركم شخصية تاريخية ورمزا بارزا في المعارضة، كيف تفسرون هذا التشرذم الذي تعيشه، والذي يضعف موقعها في ظل توازن قوى شبه دائم مع السلطة؟ ألا تتحملون، شخصيا، جزءا من المسؤولية عن هذا الفشل المتكرر في توحيد صفوفها، أو على الأقل التوافق حول قضايا المصلحة الوطنية؟
 
مسعود ولد بلخير: يمكن تفسير هذا الوضع أو تبريره بمجموعة من العوامل المتداخلة: قلة التجربة، والنزعة إلى التقليد، والطموحات اللامحدودة والمجردة من الواقعية، وخلط المتناقضات في اللون والطعم والرائحة، ويضاف إلى ذلك، كالقشة التي تقصم ظهر البعير، إصرار السلطة المستمر على زرع بذور الانقسام بيننا لتسهيل تحييدنا.
 
س: كلمة أخيرة عن العلاقات الثنائية بين موريتانيا والسنغال؟
 
مسعود ولد بلخير: تقييمي الشخصي لهذه العلاقات، وإن لم يكن تقييما صادرا عن مطلع على دوائر القرار، إلا أنه نابع من اهتمام عميق بها كمتابع، هو أنها علاقات ممتازة، على غرار ما هي عليه مع جيراننا القاريين الآخرين كمالي، والجزائر، والمغرب، والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. ومع ذلك، فقد شهدت الأشهر الأخيرة بروز بعض التوترات الطفيفة، التي أفرزت في بعض الأحيان أجواء متقلبة، لكنها لم تلبث أن تلاشت بفضل حنكة القادة من جميع الأطراف.
وقد تجلى ذلك بوضوح مؤخرا، عندما تم تحريف وتضخيم الإجراءات الوطنية لمكافحة الهجرة غير النظامية، عن عمد، من قبل بعض الموريتانيين في الخارج، الذين أعطوا الذريعة لتيارات «بان-إفريقية» زائفة تسعى للظهور، لتخوض حملة افترائية سادها الابتذال والرعونة.
وقد كان الهدف الوحيد والعبثي لتلك الحملات هو الإساءة إلى صورة البلاد في أعين القارة الإفريقية، حيث لم يتردد بعضهم، في سابقة غير معهودة، في شتم بعض أعضاء الحكومة الوطنية والتشهير بهم، وتم تصوير الاتفاق الموقع بين بلادنا والاتحاد الأوروبي على أنه الدافع الحقيقي وراء هذه الإجراءات، خدمة لأجندة أوروبية، وهو زعم خاطئ، مبالغ فيه، ومشبع بعداء غير مبرر.
لقد كانت موريتانيا، وستظل، حاضرة حيثما ناداها الواجب في التضامن والكرامة والدفاع عن مصالح إفريقيا.
صحيح أن عملاء أوروبا والغرب حاضرون في الساحة، لكن موريتانيا لم تكن يوما من بينهم، فكل الدول تتخذ إجراءات مماثلة، وما تقوم به بلادنا لا يستهدف إلا المخالفين للقانون، ولذلك، فإن على أولئك “التجار المتجولين بالأوهام” أن يتوقفوا عن شيطنة موريتانيا والموريتانيين، فهم لا يملكون ما يعلمونه لنا، ولا ندين لهم بشيء.
أما عن السنغال تحديدا، فهي دوما تعتبر وطنا ثانيا لجميع الموريتانيين، وقد واكبنا، بكل ترحيب، التحولات الأخيرة التي شهدتها البلاد، وندعو بالتوفيق والنجاح للثنائي الشاب البارز الذي يقودها اليوم، والذي يبدو، في نظري المتواضع، مؤهلا لتجسيد التغيير المنشود، القائم على الثقة والحكمة واليقظة.
نحن نعيش في انسجام تام مع كل إخوتنا وأصدقائنا من الجيران الأفارقة، شمالا وجنوبا، نتقاسم معهم أفراح الضوء ودموع الألم،  لذلك، أقول إن الوقت قد حان لأن نطوي صفحة الخطابات التي تزرع الفرقة، وأن نوحد قوانا لمواجهة الهيمنة الغربية، التي أنهكت قارتنا في الماضي، ولا تزال تعبث بها اليوم بلا مواربة.
فلنتجنب إذا الوقوع في فخ العداوات الزائفة، ولا نصطنع لأنفسنا أعداء جددا.
أجرى المقابلة الصحفي السنغالي آبو كان لصالح صحيفة الفجر 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى