ارتفاع أسعار الوقود يفاقم معاناة فقراء موريتانيا / الشيخ باب محمد الأمجد
مست جائحة كرورنا جميع جوانب الحياة، في موريتانيا و ألقت بظلالها على كافة مناحيها، فقد تعطلت الدراسة عدة مرات، وأغلقت الأسواق، والمطاعم، و منعت التجمعات العامة، وأغلق المجال الجوي للبلاد عدة أشهر أمام الرحلات الخارجية، في ظل تفاقم أعداد المصابين المسجلة يوميا.
وبعد تراجع مستويات الاصابة بالفيروس، وانحسار موجته بقيت تبعاته تثقل كاهل المواطن الموريتاني، خصوصا من ذوي الدخل المحدود، وتافقم ذاك بإعلان وزارة البترول والمعادن والطاقة في 15 من شهر يوليو الماضي زيادة جديدة في أسعار المحروقات، قاربت 30%،( 11.5 اوقية جديدة بالنسبة للتر المازوت
و 13 أوقية جديدة للتر .
فور إفصاح و زارة البترول والمعادن والطاقة الموريتانية عن الزيادة الجديدة في أسعار المحروقات توالت ردود الفعل المنددة بالخطوة، حيث احتج العشرات من سائقي “عربة التيكتوك” عند دوار مدريد، مطالبين الحكومة بالتراجع عن الزيادة الجديدة المجحفة، والتي أثرت على دخلهم اليومي، بحسب أحد السائقين.
شكى أحمدو ولد أحبيبي- أحد باعة التجزئة – من التأثيرات البالغة لارتفاع أسعار الوقود على هذه الفئة من الطبقة الوسطى، حيث ارتفعت أسعار نقل البضائع داخل المدينة، وتضاعفت تكلفتها بين العاصمة والمدن الداخلية، مما حتم مراعاة تلك الزيادة، في تسعرة المواد المبيعة.
وأضاف ولد أحبيبي: أن تجار التجزئة – كعيرهم من المواطنين- يعيلون أسرا، تحتاج توفير أدنى درجات العيش الكريم، وهو مابات متعذرا، في ظل الخسائر التي يصعب تعويضها، نتيجة الارتفاع الصاروخي للأسعار وفق تعبيره.
و أردف ولد أحبيبي: بأن أسعار المواد تتحكم فيه عوامل متعددة، من تكلفة الشحن، إلى الرسوم الجمركية، حيث إن البلاد تستورد أغلب حاجاتها من الخارج، وفق تعبيره.
أجرة النقل ترتفع
ضاعفت سيارات النقل الحضري بمدينة انواكشوط أجرة النقل بين أطراف المدينة، في اليوم الموالي للإعلان الرسمي عن زيادة المحروقات.
حبيب الله ولد محمد وهو أحد السائقين، برر مضاعفة تذاكر النقل بتبعات زيادة المحروقات، قائلا ” إن جميع المواد تتأثر بزيادة أسعار الوقود، حيث ارتفعت المواد الغذائية، وقطع غيار السيارات، كما رفع الميكانيكيون والكهربائيون أسعار خدماتهم مما يحتم زيادة سعر تذكرة التاكسي التي هي مصدر عيشنا الوحيد حسب قوله ”
من جانبه وصف المهدي ولد مولاي إدريس ( مدير مدرسة ابتدائية) الوقود، بشريان الحياة، حيث تتأثر بارتفاعه جميع المواد المستهلكة، لارتباطها به من قريب أو بعيد”.
وأضاف ولد مولاي إدريس أن أسعار بعض المواد الاستهلاكية ارتفعت كنتجية مباشرة لزيادة الوقود، ضاربا المثل بزيادة أسعار الخبز، واللحم.
وطالب ولد مولاي إدريس سلطة تنظيم النقل بضرورة الأخذ على أيدي سائقي الأجرة، الذين يستغلون فرصة وجود الناس بكثرة في العاصمة، مع بداية العام الدراسي، وحاجتهم للتنقل من وإلى المدارس، ليضاعفوا تذاكر النقل، مضيفا بأن ضبط أسعار هذا القطاع، الذي يشهد فوضبة كبيرة – وفق وصفه – باتت ضروؤة ملحة.
أسباب الزيادة وتداعياتها
الباحث الاقتصادي صبحي ودادي، يقول إن ‘المحروقات تشكل نسبة عالية من واردات البلاد (الثلث ) بحكم دورها الحيوي في عملية النشاط الاقتصادي، وبطبيعة الحال يعد تأثيرها بالغا.. سواء تعلق الأمر بالقطاعات الإنتاجية أو بالقطاع العائلي ..
و أضاف ولد ودادي أن زيادة المحروقات تضعف القوة الشرائية للمواطنين.. وخصوصا أصحاب الدخل المحدود؛ بسبب ارتفاع التضخم الذي يسببه على أكثر من مستوى :
– على مستوى قطاع النقل سواء تعلق بالاستيراد؛ وخصوصا بالنقل الداخلي؛ حيث يشكل طول مسافات الإمداد في الداخل وبعد الميناء في نواكشوط عن مناطق عديدة سببا رئيسيا في رفع كلفة النقل ومن ثم ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات التضخم.
– ترتفع سلات الكهرباء والسلع المصنعة (التي تحتاج لكميات عالية من مشتقات المحروقات ) ارتفاعا كبيرا ..
ويمكن أن نقول- يضيف الباحث الاقتصادي – إن تحمل مختلف القطاعات الانتاجية لفاتورة المحروقات سيتم تحميلها في النهاية للمستهلك الأخير، وبطبيعة الحال سينجم عن هذا تحمل محدودي الدخل عبئا ثقيلا .
و عن التبعات المصاحبة لزيادة الوقود، يقول ولد ودادي:
”
– سيؤدي إرتفاع أسعار المحروقات، إلى دخول طبقة جديدة من الطبقة المتوسطة في عداد محدودي الدخل.
– زيادة نسب الفقر، وتعقيد الحياة الاجتماعية.
– ستضعف قدرة القطاعات الانتاج على التوظيف، وبالتالي تسجيل أرقام جديدة في صفوف العاطلين”.
وتعتمد موريتانيا على الواردات،بشكل أساسي وبحسب بيانات حكومية رسمية يعيش 31 % من سكان البلاد تحت خط الفقر.
الحكومة الموريتانية أطلقت خطة “الإقلاع الاقتصادي” لمكافحة الفقر ومواجهات تبعات جائحة كورونا، على الاقتصاد الموريتاني.
وتمتد خطة الإقلاع على مدى 30 شهرا (2020 – 2022) بغلاف مالي .يصل إلى مائتين وأربعين مليار أوقية قديمة.
ويهدف البرنامج بحسب الحكومة إلى إحراز الشروط الضرورية لانتعاش اقتصادي جديد وفق مقاربة تشاركية شاملة تمنح القطاع الخاص دورا اقتصاديا فاعلا وتعمل على خلق المزيد من فرص العمل وعلى الاستغلال الأمثل لمواردنا الطبيعية في مجالات الزراعة والتنمية الحيوانية والصيد”.
وتوقع البنك الدولي أن تصل نسبة الانكماش الاقتصادي في موريتانيا هذا العام فيها نسبة 2.5% .
تم نشر هذا التقرير بدعم من JHD\JHR- صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.