أبعاد ودلالات الزيارة الأخوية لرئيس مجلس السيادة السوداني إلى موريتانيا

من المقرر أن تحط في مطار نواكشوط الدولي بعد غد طائرة الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني في زيارة تاريخية لموريتانيا ، وبالرغم من أن هذه الزيارة تأتي في ظرف دقيق يمر به السودان إلا أنها من جانب آخر تمثل لحظة دبلوماسية فارقة تعكس عمق العلاقات التاريخية والأخوية بين البلدين حيث تبرز رؤية مشتركة للتعاون في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية وتطوير موقف موحد حيال أزمة السودان وسبل إيجاد حلول جذرية لها على الصعيد العربي والافريقي وذلك بالنظر إلى أن فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الافريقي ، وهو ما من شأنه أن يتيح الفرصة لحلحلة الأزمة السودانية حيث تسعى موريتانيا إلى تقديم رؤى خلاقة لتعزيز فرص السلام داخل السودان، بما ينسجم مع ضمان وحدتها وتحقيق الأمن لشعبها.
موريتانيا والسودان ترتبطان بروابط ضاربة في عمق التاريخ، تمتزج فيها الثقافة والدين والانتماء الحضاري للعالمين العربي والإفريقي. هذه العلاقات ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج عقود من التعاون والتفاهم المشترك الذي تجلى في مواقف البلدين تجاه القضايا الإقليمية والدولية. وتكتسي زيارة الفريق البرهان في هذا الاطار بعدا إضافيا من شأنه أن يضخ دماء جديدة في جذور هذه العلاقة الراسخة والمتجذرة ، خصوصا وأن القيادتين السياسيتين في الخرطوم وانواكشوط حريصتان على تنمية وتطوير هذه العلاقة مهما كانت التحديات والعقبات التي تمر بها السودان. وقد تجلى هذا البعد في استضافة موريتانيا لجالية سودانية معتبرة مع تسهيل إجراءات الإقامة والتنقل ، كما قرر الجانب الموريتاني السماح للأندية السودانية باللعب في الدوري الموريتاني وكأنها فرق موريتانية لتتمكن من التنافس في المسابقات الافريقية.
يدرك الفريق البرهان مدى تعاطف الموريتانيين حكومة وشعبا مع أشقائهم في السودان في أزمتهم ، وهو اليوم يحط الرحال في العاصمة انواكشوط ليؤكد التزامه بحماية مصالح شعبه أينما كانت ، والتعبير عن الامتنان والشكر للأشقاء في موريتانيا على هذا الموقف النبيل ، وقد اثبتت هذه الأزمة أن الفريق البرهان وبالرغم من أنه يحمل على عاتقه مسؤولية الحفاظ على أمن السودان واستقراره ، فهو لم يفرط في علاقات البلاد الخارجية بل حافظ عليها وعمل على إدارتها في وقت يمر فيه البلد بواحدة من أدق مراحل تاريخه الحديث.
لذلك نجد أن قيادة الفريق البرهان تعكس إصراراه على حماية السودان من التفكك وتعزيز سيادته الوطنية، مع السعي لتحقيق التوازن بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية ، مع الحفاظ على الجسر الذي يربط السودان بمحيطه العربي والإفريقي، واستمرار التواصل البناء مع الشركاء الدوليين.
ويمكن تلخيص أهم دلالات وأبعاد زيارة الفريق البرهان الى موريتانيا في النقاط التالية:
أولا – تعميق العلاقات الثنائية: الزيارة تعبر عن التزام مشترك بتعزيز أواصر التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، بما يخدم المصالح الحيوية للشعبين.
ثانيا – دعم جهود الوساطة: موريتانيا، بموقعها الجيوسياسي ودورها في الاتحاد الإفريقي، تسعى لتكون وسيطاً نزيهاً يساهم في تقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية.
ثالثا التضامن الإقليمي: الزيارة تجسد روح التضامن الإفريقي والعربي، وتشكل نموذجاً للعمل المشترك في مواجهة التحديات التي تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي.
وضمن هذا المسار نخلص الى أن لقاء الفريق البرهان مع فخامة الرئيس محمد ولد الغزواني يعكس تطلعاً مشتركاً نحو بناء شراكة إستراتيجية تتجاوز الظرف الراهن لتؤسس لتعاون مستدام قائم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. هذه الزيارة ليست فقط تأكيداً للعلاقات التاريخية، بل هي أيضاً منصة لرسم ملامح مستقبلية أكثر إشراقاً للتعاون بين البلدين خاصة بعدما يتحرر السودان من أزمته الداخلية التي بدأت بشائر انفراجها تلوح في الأفق مع تقدم الجيش السوداني على الأرض.
الإعلامي السيد ولد محمودي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى