وكان أجود ما يكون في رمضان الشيخ محفوظ إبراهيم فال
( ياباغي الخير أقبل )
3 _ ( وكان أجود ما يكون في رمضان )
رمضان شهر الجود بالخير كل أنواع الخير وهو فرصة لاكتساب هذا الخلق الكريم والازدياد منه والارتقاء فيه وتخليص النفس مما أحضرته من شح يهوي بها في مراتب السفل ومنازل السافلين ويقعد بها عن المعالي ( وأحضرت الأنفس الشح ) لترتقي إلى مراتب الفلاح ومنازل المفلحين ( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون )
وأسباب الجود في رمضان كثيرة وفيرة تتعاضد وتتكامل حتى ترفع أركانه وتعلي بنيانه منها ؛
_ تلاوة القرآن الكريم الذي هو حادي المؤمن المكرمات يقرأ فيه المؤمن الدعوة إلى الجود والسخاء،بأبلغ الأساليب وأكثرها تنوعا وتأثيرا يقرأ فيه صفات ربه البر الجواد واسع العطاء من وصف نفسه بقوله تعالى ( بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ) ( وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم ) ( إن الله يرزق من يشاء بغير حساب )
يقرأ فيه مدحه للمتصدقين والمنفقين وتزكيته لهم ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى ) ووعده لهم برضوانه والنجاة من عذابه ( وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى ) يقرأ فيه ذم البخل والبخلاء ووعيد المانعين الكانزين ومقارنة المرابين في أموال الناس بالمرابحين مع رب الناس ( وما آتيتم من ربا لتربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون ) يقرأ فيه أن الصدقات قربات إليه وزلفى لديه ( ومن الناس من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ، ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم ) وما أعظم تأثير هذه الكلمة في قلب المؤمن المحب لربه ( ألا إنها قربة لهم ) ومع هذا كله يضمن الخلف في الدنيا والمضاعفة في الآخرة لما ينفقه المؤمن ابتغاء مرضات الله ( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ) ويقطع على الشيطان طريق تثبيط المؤمن وتخويفه من الفقر إذا هو أعطى بوعده الصادق ( الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم ) مغفرة لذنوبكم بصدقاتكم وفضلا يخلف به ما أنفقتم ومن الذي يصدق وعد الشيطان ويكذب وعد الرحمن ؟؟ من الذي يبخل خوفا من الفقر وقد وعده الواسع بالخلف
كانت هذه الآيات ومثيلاتها الكريمات تقع على قلب محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن فتصنع فيه العجب فيتضاعف جود الجواد من لم يقل لا قط ويتصاعد سخاء السخي من يعطي عطاء من لا يخشى الفقر وما أصدق ابن عباس رضي الله عنهما وأبلغ وصفه ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة ) وأي شيء أسرع من الريح وأبلغ في الوصول إلى البعيد فضلا عن القريب فتضمن التشبيه سرعة الجود وعمومه القريب والبعيد
وكذلك القرآن يصنع العجائب في قلوب المؤمنين في كل زمان ومكان فلا يزال يربي أبناء وأحفاد أبي بكر وعثمان وابن عوف عوف وأبي طلحة الأنصاري وأبي الدحداح رضوان الله عليهم وعلينا معهم
_ الصوم الذي يعلق الإنسان بطلب المعالي والتضحية في،سبيلها بالشهوات والرغبات وتنتصر فيه أشواق الروح على مطالب الجسد
ويعلمه الصبر عن النعيم القليل الفاني طلبا للنعيم الكثير الباقي
الصوم الذي يبعث في النفس رحمة المحتاجين ويذكره جوعه أياما معدودات بالجائعين كل الأيام وكل الليالي فيشركهم فيما عنده من خير أو يؤثرهم على نفسه ارتقاء في الكمال وبلوغا للفلاح ولحاقا بالسابقين من المؤمنين ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون )
بعد هذا كله عليكم إخواني الصائمين أن تجودوا على الفقراء والمساكين ومن كان عنده فضل من زاد فليعد به على من لا زاد عنده ومن لم يكن له فضل وعلت همته وشرفت نفسه فليؤثر إخوانه بل ليؤثر نفسه فيقدم آخرته على دنياه ويعلم أن الحاجة إلى الحسنة هنالك أشد من الحاجة إلى الأكل والشرب هنا
وأخيرا لا يختص الجود والسخاء والإنفاق بالأغنياء والموسرين بل هو عام لكل واجد قليلا أو كثيرا بل جود الفقير أبلغ وأرفع
وقد قال الله تعالى ( فلينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا )
فلا تحتقر أخي الصائم قليلا تجده فقد تكفل الله بمضاعفته وتكثيره وتنميته وتعظيمه ( وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا ) ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرا والله يقبض ويبسط إليه ترجعون ).
تعهد جيرانك أفطر صائما أو صائمين بما تجد قليلا أو كثيرا من تمر أو لحم أولبن فتكون صمت أكثر من رمضان وربما جئت برمضانات أكثر من سني عمرك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ؛ ( من فطر صائما فله مثل أجره )
بسط الله لنا ولكم ورزقنا وإياكم اليد العليا وجعل ذلك ابتغاء وجهه الأعلى
الشيخ محفوظ إبراهيم فال