أسواق متنقلة في مقاطعة “اطويل” لمواجهة تأثير كوفيد 19

 

الأسواق المتنقلة في أقصى الشرق الموريتاني هي تجمع دأبت النسوة المعيلات للأسر على تنظيمه، حيث يخصص لكل قرية يوم تعرض فيه نسوتها بضاعتهم، ويوم السبت هو اليوم المخصص لبلدية اطويل حيث يفد سكان القرى المجاورة للتسوق، ولا تعتمد هذه الأسواق المتنقلة على البيع والشراء فقط، بل على التبادل وفق ما اتفق عليه التاجر والزبون، لكن هذه الأسواق التي تمثل متنفسا ترفيهيا وتجاريا عطلتها الجائحة مما أثر على نسوة بلدية اطويل اللاتي تعتبرن من أبرز المستفيدات من هذه العادة التجارية الضاربة في القدم.
امعيزبه منت صالح إحدى النسوة اللاتي أثرت عليهن الجائحة تقول لنا اليوم بعد انفراج أزمة كورونا : ” كانت أيام الجائحة صعبة جدا علينا، وفي البداية ظننا أن الإجراءات ستشمل العاصمة نواكشوط فقط وحاولنا أن نعرض بضاعتنا في السوق المحلي دون علم السلطات من أجل كسب لقمة العيش، لكن “اجنادر” كانوا صارمين معنا أثناء فترة الجائحة حيث كانوا يعتقلون كل من تحرك أثناء أوقات حظر التجول. وتضيف منت صالح: عند تسجيل إصابات أشخاص نعرفهم بالوباء أصبح همنا ليس أن نبيع بصاعتنا وإنما أن لا تصاب أي واحدة منا بهذا الوباء الذي قالوا بأنه خطير جدا وخصوصا على المسنين، وعندما توقف عملنا أصبحنا نذهب إلى خيمة “أهل افلان” من أجل مشاهدة التلفاز الذي كان يتحدث كثيرا عن الجائحة وهو ما أقلقنا و أدخلنا في موجة جماعية من غسل اليدين بالصابون وارتداء الكمامات التي وزعتها علينا البلدية.
تكتسي بلدية اطويل أهميتها من خلال قربها من معبر “كيرني” المطل على الحدود المالية، حيث تبعد عنه 15 عشر كليومترا فقط، لكن البلدية الحدودية التي تعتمد اقتصاديا على معبر كيرني في كافة عمليات التزويد بالمؤن والمواد الغذائية تضررت كثيرا أثناء الإغلاق وفرض حظر التجول.
يقول لنا محمد شيخنا ولد دحمان الأمين العام للمجلس الشبابي الثقافي لمقاطعة اطويل :
لقد أثرت الجائحة على النسوة اللاتي كنّ يعتمدن على الأسواق المتنقلة بعد فرض حظر التجول، الذي التزمن باحترامه على عكس بعض المسنين القرويين الذين كانوا يظنون بأن كورونا مجرد موضة أتت من العاصمة لتعكر صفو حياتهم الطبيعية، ولكن بعد تسجيل أول حالة إصابة في المنطقة ازداد خوف الناس من الجائحة والتزموا أكثر بالقيود التي فرضتها الجهات المعنية. ويضيف ولد دحمان : كجيل شبابي مهتم بالشأن العام لمقاطعة اطويل واكبنا عمليات التحسيس بخطورة الوباء، و أجلنا مهرجاننا الثقافي لتلك السنة حفاظا على المصلحة العامة للمقاطعة، ولا شك أن الضرر الاقتصادي كان صغيرا مقارنة بالضرر النفسي الذي خلفته الجائحة في مقاطعة وثيقة الصلة بالحركة والتجمعات الاستجمامية، فالتباعد الاحترازي الذي عكفت سلطات المقاطعة على فرضه كان بمثابة تعطيل لكامل مظاهر الحياة في اطويل سيما أن نمط العيش هناك نمط بدوي بامتياز.
كانت الإجراءت الأمنية مشددة على المعبر أثناء موجة كورونا الأولى وخصوصا بعد إشاعات تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن دخول متسللين إلى المقاطعة، وقد ساعدت عمليات التحسيس آنذاك في توعية الساكنة بخطورة المتسللين الذين قد يكونون مصابين بفيروس كوفيد 19.
وقال عمدة بلدية اطويل : لمانه ولد المصطف لقد أنشأنا لجانا تحسيسية، لتحث الناس على التباعد الاحترازي و وزعنا الكثير من المعقمات على الساكنة، لكن الضرر الأكبر حينها كان ارتفاع الأسعار بشكل جنوني عندما تعطلت حركة عبور البضائع التي تشحن من معبر كيرني الذي يبعد من اطويل 15 كيلومترا، على الحدود المالية. ويضيف العمدة :
لقد توقفت الأسواق المتنقلة أثناء الجائحة، وانعكس ذلك سلبا على المواطنين، لأن هذه الأسواق المتنقلة زيادة على أنها تمثل تراثا عريقا للساكنة إلا أنها أيضا بمثابة رئة اقتصادية لمقاطعة اطويل، فمئات النسوة أسبوعيا يعتمدن على هذا التجمع الاقتصادي الصغير .

اخليهن بوبكر

تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى