وزير الثقافة: برنامج الفضاءات الثقافية الرمضانية كان فرصة لربط الأجيال بثقافتهم(نص الخطاب)

أكد وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان الحسين ولد مدو أن تنظيم الفضاءات الثقافية في شهر رمضان كان بمثابة تعبير أصيل عن أهمية الثقافة في بناء الأمم.
وأضاف الوزير أن الهدف من السهرات الرمضانية كان ربط الأجيال بثقافتهم وتعزيز الهوية الوطنية.
جاء ذلك خلال اختتام فعاليات الفضاءات الثقافية الرمضانية التي انطلقت مع بداية شهر رمضان في ولايات نواكشوط الثلاث.
وهذا نص الخطاب:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛
أيها الحضور الكريم؛
إنه لمن دواعي سروري واعتزازي أن أقف بينكم هذا المساء، ونحن نطوي معًا آخر صفحات “الفضاءات الثقافية الرمضانية”، التي مثلت موسمًا ثقافيًا زاخرًا بالعطاء، وغنيًا بالإبداع، جمع بين روحانيات شهر رمضان الفضيل، وجمال موروثنا الثقافي الوطني الأصيل.
لقد عشنا أسابيع عامرة بالأنشطة الثقافية، من أمسيات شعرية، ومدائح نبوية، وندوات فكرية، ولقاءات فنية، حملت في طياتها عبق الأصالة، وألق المعنى، وعمق التواصل مع تراثنا الحي، وهي لحظاتٌ باقية في ذاكرة المشهد الثقافي، شاهدة على عمق موروثنا وأصالته وتنوعه وثرائه.
أيها الجمع الكريم؛
ها نحن اليوم، في هذا المساء الثقافي البهي، نضع عصا الترحال بنواكشوط الغربية؛ حيث الصفحة الأخيرة من الفضاءات الثقافية الرمضانية، التي جابت، خلال الشهر الفضيل، فضاءات نواكشوط الجنوبية والشمالية، حاملةً رسالة النور والمعرفة.
إن هذه المحطة لا تمثل نهايةً الرحلة، وإنما هي، فقط، تتويج لمسارٍ زاخرٍ بالتفاعل والتنوير، وتأكيد على أن ما عشناه معًا يمكن أن يشكل مدخلا لاستمرارية ثقافية تتجاوز المواسم والمناسبات؛ لتصبح جزءا من يومياتنا العادية، وفاءً لإرث وتاريخ يستحقان علينا ذلك وأكثر.
أيها الحضور الكريم؛
تندرج هذه الفضاءات ضمن رؤية فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي يضع الثقافة في صميم مشروعه الوطني، باعتبارها أداة للتنمية، وفي ذات الوقت وسيلة للانسجام وتعزيز اللحمة الوطنية، وطريقا للحفاظ على الهوية.
وهي الرؤية التي تعمل حكومة معالي الوزير الأول السيد المختار ولد اجاي على تنفيذها، عبر برامج وسياسات تجعل من الثقافة قطاعًا حيويًا، فاعلًا، ومرتبطًا بحياة المواطن اليومية؛ تماما كارتباطها بتاريخه وتطلعاته المستقبلية.
وإن قطاعنا يحرص كل الحرص على ترجمة تلك المقاربات إلى مبادرات ملموسة، من ضمنها الفضاءات الرمضانية، التي نختتمها الليلة، بعد أن جابت عددا من مقاطعات نواكشوط، وأسهمت في تنشيط الحياة الثقافية خلال الشهر الفضيل.
أيتها السيدات والسادة؛
لقد امتازت هذه الأنشطة بطابعها الخاص؛ لأنها جاءت في شهر له خصوصيته في وجداننا الجمعي؛ حيث تتصالح فيه النفس مع الذات، فيتهيأ العقل للاستنارة، وتصفو الروح لتدبر الجمال، إنها لحظات امتزجت فيها الأنوار الرمضانية بوهج الإبداع الثقافي، وتلاقت فيها العبادة مع المعرفة، كما هو شأن منابر هذه الأرض التي طالما جمعت بين الفقه والشعر والأصول والأدب والترتيل والغناء والتبتل والرقص.
ولا يسعني، في هذا المقام، إلا أن أشيد بما لمسته من حيوية وتفاعل وإقبال من جمهور نواكشوط، ومن الشباب خاصة، وهو ما يدل على تعطش حقيقي للثقافة، واستعدادٍ أصيل للتفاعل معها حين تتوفر لها الظروف المناسبة، من تنظيم وتنوع وجودة في المضمون.
أيها الحضور الكريم؛
إن تنظيم هذه الفضاءات الثقافية الرمضانية لم يكن مجرد مبادرة ظرفية؛ بل كان تعبيرا أصيلا عن رؤيةٍ واضحة نؤمن بها في قطاع الثقافة، وهي أن الثقافة ليست زينة نلجأ إليها في المناسبات، وإنما هي ضرورة حياتية، تُبنى بها الأوطان، وتُصان بها القيم، وتُستنهض بها الهمم، خصوصا بالنسبة لأمة مثل أمتنا تدين للثقافة بالكثير من تاريخها ووجودها.
وقد أردنا من خلال هذه الأنشطة أن نستحضر بعضا من إرثنا وماضينا، وأن نفتح نوافذ للحوار والإنصات، وأن نربط الأجيال بجذورها، من خلال ما قدمه شعراؤنا ومثقفونا ومبدعونا من لوحاتٍ عكست عمقنا الروحي وهويتنا الثقافية.
أيها الجمع الكريم؛
إذا كنا الليلة نختتم هذه الفعاليات، فإننا لا نطوي بها صفحةً من الثقافة، بل نفتح بها أبوابًا جديدة للعمل والعطاء والاستمرار، فهذا الموسم كان فقط محطةً من محطاتٍ عديدة نُعِدُّ لها، لنُبقي جذوة الثقافة متّقدة، ونظل أوفياء لتاريخنا الذي يملي علينا أن تكون حياتنا كلها للثقافة وبالثقافة.
وفي الختام، أتقدم بخالص الشكر وجزيل الامتنان لكل من أسهم في إنجاح هذه الفضاءات: من سلطات إدارية وأمنية وعسكرية، ولجانٍ تنظيمية، وفرق فنية، وضيوف ومشاركين، وإعلاميين، وجمهورٍ كريم آمن برسالة الثقافة واحتفى بها تبذل من أجلها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى